وحَلَقه، فجمع الرجل شعره، ثم ترحل إلي عمر بن الخطاب حتى قدم عليه، فدخل علي عمر بن الخطاب قال جرير: وأنا أقرب الناس من عمر، فأدخل يده فاستخرج شعره، فضرب به صدر عمر، فقال: أما والله لولا النار، فقال عمر: صدق والله لولا النار، فقال: يا أمير المؤمنين إني كنت ذا صوت ونكاية في العدو، فأخبره بأمره، وقال: ضربني أبو موسى عشرين سوطًا، وحلق رأسي، وهو يرى أنه لا يقتص منه. فقال عمر -رضي الله عنه-: لأن يكون الناس كلهم علي صرامة هذا، أحب إلينا من جميع ما أفاء الله علينا. فكتب عمر إلي أبي موسى: سلام عليك، أمّا بعد: فإن فلانًا أخبرني بكذا وكذا، فإن كنت فعلت ذلك في ملاء من الناس، فعزمت عليك لما قعدت له في ملاء من الناس، حتى يقتص منك، وإن كنت فعلت ذلك في خلاء من الناس، فاقعد له في خلاء من الناس، حتى يقتص منك. فقدم الرجل فقال له الناس: اعف عنه، فقال: لا والله، لا أدعه لأحد من الناس، فلما قعد له أبو موسى ليقتص منه، رفع الرجل رأسه إلي السماء ثم قال: اللهمَّ إني قد عفوت عنه (١).
وروى ابن شبة بإسناد له قال: قال عمرو بن العاص -رضي الله عنه- لرجل من تُجَيب: يا منافق. فقال التُّجيبي: ما نافقت منذ أسلمت، ولا أغسل لي رأسًا ولا أدهنه حتى آتي عمر، فأتى عمر -رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين! إن عَمرًا نفقني، ولا والله ما نافقت منذ أسلمت. فكتب عمر -رضي الله عنه- إلي عمرو، وكان إذا غضب عليه