وبه إلي ابنِ زبرٍ، أنا أبي، أخبرني عبدُ الله بنُ مسلمٍ، عن أحمدَ بنِ يحيى، عن محمّدِ بنِ إدريس الشافعيِّ، قال: قدم أبو جعفرٍ المنصورُ المدينةَ حاجًّا، فأتته الوفودُ من كل بلد يشكون إليه الأمراءَ، فأتاه أهلُ اليمن يشكون معنَ بنَ زائدة، وأتاه بنو أبي عمرو الغفاريِّ من أهل المدينة يشكون أميرهم الحسنَ بنَ زيد، فقال وفدُ اليمنِ لأبي جعفر المنصور -وقد أحضر ابن أبي ذئب والعلماء-: يا أمير المؤمنين! إن معن بنَ زائدة قد تعدَّى علينا، وأساء فينا السيرةَ، وقد رضينا بابن أبي ذئب، فقال له أبو جعفر: ما تقولُ في معنِ بنِ زائدةَ؟ قال: قَوْلي فيه وعلمي به أنه عدوُّ الله، يقتل المسلمين بغير حق، والمعاهَدين، ويحكم بغير ما أُنزل، ويفسد العبادَ والبلاد. قال: ثم تقدَّمَ الغفاريون يشكون الحسنَ بنَ زيدٍ وسيرتَه فيهم، وقالوا: قد رضينا بابن أبي ذئب، فأطبق عليه ابنُ أبي ذئب، وذكره بسوء. فقال الحسنُ بنُ زيدٍ: يا أمير المؤمنين! قد ذَكَرني بما قد ذَكَر، فإن رأى أميرُ المؤمنين أن يسأله عن حال أمير المؤمنين عندَه، فقال أبو جعفر: ما تقول فيَّ يا بن أبي ذئب؟ فقال: أَعْفِني، قال: عزمْتُ عليك، قال: أَعْفِني، قال: لستُ أفعل، قال: فبكي ابنُ أبي ذئب، ثم قال: تسألُني عن نفسِك، أنت أعلمُ بنفسك مني، وما عسى أن أقولَ فيك مما فيك؟ أنت -واللهِ- الرجلُ الذي اتزرت المسلمين أمرَهم، ظلمتَهم، واعتديتَ عليهم، وسفكتَ الدماءَ الحرام، وأخذتَ الأموالَ من غير حِلِّها، ووضعتَها في غير حَقِّها، وأهلكتَ المسلمينَ والفقراء، واليتامى والمساكين.
قال محمّدُ بنُ إبراهيم: وبين يَدَي أبي جعفر عمودٌ، فجمع الناسُ