للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جعفرٍ، وثنا جدِّي، ثنا أبو الليث سلمُ بنُ قادمٍ، ثنا أبو حفصٍ العبديُّ، عن هشامِ بنِ حسانَ، عن الحسنِ، قال: بعث عمرُ بنُ الخطاب -رضي الله عنه- عُميرَ بنَ سعدٍ أميرًا على حمصَ، فأقام بها حَوْلًا، ثم إن عمر -رضي الله عنه- كتب إليه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: من عمرَ بنِ الخطابِ إلي عُمير بنِ سعدٍ، سلام عليك، فإني أحمدُ اللهَ الذي لا شريك له، وقد كنّا ولّيناك شيئًا من عملنا، فلا ندري أوفيتَ بعهدنا، أم خنتنا؟ فإذا جاءك كتابي هذا، فاحمل ما قبلك من في المسلمين، ثم أَقْبِل. قال الحسنُ: فلما وقع الكتابُ إليه، أقبل من حمصَ على رجليه، ومعه عَصًا له، وجرابٌ، وقصعةٌ، ومطهرةٌ، فلما قدم على عمر -رضي الله عنه-، قدم عليه رجلٌ شاحبٌ، رَثُّ الهيئة، كثيرُ الشعر، فقال له: سبحان الله يا عمير! ما هذا الذي أرى من سوء حالك، أكانت البلادُ بلادَ سوء، أم هذا منك خديعة؟ فقال عميرٌ: سبحانَ الله يا عمر! ألم ينهكَ ربُّك عن التجسسِ وسوءِ الظنِّ؟ وما الذي ترى من سوء حالي؟ أما تراني طاهرَ الدم، صحيحَ البدن، معي الدنيا بقرابها، فقال له عمر: وما معك من الدنيا يا عمير؟ فقال: معي عصاي أتوكأ عليها، وأقتل بها حيةً إن لقيتُها، ومعي جرابي أحمل فيه طعامي، ومعي قصعتي آكلُ فيها طعامي، وأغسل فيها رأسي وثوبي، ومعي مطهرتي أحمل فيها شرابي ووضوئي لصلاتي، فما كان بعد هذا من الدنيا، فهو تبع لما معي. قال: صدقت -رحمك الله-، فما صنع المسلمون؟ فقال: تركتُهم يوحدون الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ويصلون على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وقد نهانا الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن نسأل عمّا وراء ذلك. قال: فما صنع أهل الجزية؟ قال: أخذتُ منهم الجزية عن يَدٍ وهم صاغِرون.

<<  <   >  >>