المنبر، فخطب، ثمّ قال: من يكفيها إلا قائمٌ اليومَ يُريحني منها -يعني: الخلافة-؟ ثمّ نزل يشتد حتى أتى قبرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقبر أبي بكر -رضي الله عنه-، فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، ماذا لقيتُ بعدَكما؟! ثمّ قال: اللهمَّ أَلْحِقْ عمرَ بصاحبيه لم يغيرْ ولم يبدل.
ثمّ قال لعميرٍ: الْحَقْ بأهلِك.
قال الحسن: وبين أهله وبين المدينة ثلاثة أميال، ثمّ إن عمر تبعته نفسُه بعد ذلك، فقال: والله! ما آمَنُ أن يكونَ خدعَنا، فدعا رجلًا من أصحابه يقال له: حبيبُ بنُ جارية، فأعطاه مئة دينار، وقال له: انطلق حتى تنزل على عميرِ بنِ سعدِ ثلاثةَ أيام، وانظرْ إلي مطعمه وملبسه، فإذا انقضت الثلاثةُ، فأعطه هذه المئةَ دينارٍ، فقدم الرسولُ على عمير وهو قاعدٌ في الشمس يَفْلي ثيابه، فسلَّم عليه، فرفع رأسه إليه، ورَحَّب به، ثمّ قال: كيف تركَت أمير المؤمنين؟ قال: صالحًا، وهو يقرأ عليك السلام، قال له: ويحك! فلعلّه استأثر بغيه؟ قال: اللهمَّ لا، ويحك! فلعله جارَ في حكمه؟ قال: اللهمَّ لا، قال: ويحك! فلعلك اطلعت عليه وهو يرتشي؟ قال: اللهمَّ لا، ويحك! فلعلّه يضرب أهلَ القبلة بالسوط؟ قال: نعم، تركته وقد ضربَ ابنًا له بالسوط ضربًا شديدًا حتى بلغ حدًّا، قال: أفي فجره أتاها؟ قال: نعم. قال: اللهمَّ سَلِّمْ عمرَ؛ فإنه لا يُضيع الحدود.
قال: ثمّ قال: اللهمَّ إني أُشهدك وأُشهد صاحبي هذا أني لا أعلم عمرَ إلا شديدَ الحبِّ لك ولرسولك.