فقال عمر: عليَّ بعمير، فلما قَدِم عليه، قال: عزمتُ عليكَ بحقي عليك يا عمير ماصنعتَ بتلك الدنانير؟ قال: استودعتُها رَبَّنا -تبارك وتعالي-، ولم أحبَّ أن يطّلع على ذلك أحدٌ، وحملنا بها إخواننا.
قال عمر لعبدِ الله ابنهِ: قم فأعطِه ثوبين، وكِلْ له وَسقَين من تمر.
فقال: أما الثوبان فسآخذُهما، وأما التمرُ فما كان بالذي يصحبُني، إني خَلَّفت في أهلي صاعًا من تمر.
فقال له عمر: يا عمير! ارجعْ إلي أهلك، واقرأ على امرأتك السلام.
قال الحسن: فما لبثَ أن طُعِن، فمات، فبينما عمر- رضي الله عنه- في جنازته، وأصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه، إذ قال لهم: تمنّوا، فقال: جابر بن عبد الله: وَدِدْتُ لو أن لي من القوة ما أميحُ الدلوَ بمنى، فأسقي حاجَّ بيتِ الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فقال عمر -رضي الله عنه-: وددتُ لو أنَّ عندي رجالًا مثلَ عُمير بنِ سعد أستعين بهم على أمور المسلمين (١).
فانظر -رحمك الله- إلي هذا الأمير، وإلى هذا الكلام، فإن أدنى أدنى أدنى عبدٍ من عبيدِ عبيدِ عبيدِ أميرِ اليوم لا يرضا بمثل هذا الحال،
(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٧/ ٥١ - ٥٢)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢٤٧ - ٢٥٠)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٦/ ٤٨٩ - ٤٩٤)، نحوه.