للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أموال مخصوصة لطائفة أو جهة مخصوصة (١).

والعلاقةُ بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي: أن الزَّكاة وإن كان ظاهرُها النقصَ- نقْص كمية المال- لكن آثارها زيادة المال، زيادة المال بركة، وزيادة المال كمية، فإنَّ الإنسان قد يفتح الله له من أبواب الرزق ما لا يخطُر على باله إذا قام بما أوجب الله عليه في ماله؛ قال الله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} (٢)، وقال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (٣)، يُخْلِفُه: أي يأتي بخلفه وبدله.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما نقصت صدقة من مال» ١، وهذا أمرٌ مُشاهَدٌ، فإن الموفقين لأداء ما يجب عليهم في أموالهم يجدون بركةً فيما ينفقونه، وبركة فيما يبقى عندهم، وربما يفتح الله لهم أبواب رزقٍ يُشاهدونها رأي العين، بسبب إنفاقهم أموالهم في سبيل الله (٤).

ولهذا كانت الزَّكاة في الشرع مُلاقية للزكاة في اللُّغة؛ منْ حيثُ النَّماءُ والزِّيادةُ.

ثم إنَّ في الزَّكاة أيضًا زيادة أخرى، وهي زيادة الإيمان في قلب صاحبها، فإن الزَّكاة من الأعمال الصالحة، والأعمالُ الصالحة تزيد في إيمان الرجل؛ لأن مذهب أهل السنة والجماعة أن الأعمال الصالحة من الإيمان، وأن الإيمان يزداد بزيادتها، وينقُص بنَقْصها، وهي أيضًا تزيد الإنسان في خلقه، فإنها بذْلٌ وعطاء، والبذلُ والعطاء يدل على الكرم والسخاء، والكرَمُ والسخاء لا شك أنه خُلُقٌ فاضل كريم، بل إن له آثارًا بالغةً في انشراح الصدر، ونور القلب


(١) أخرجه مسلم في صحيحه - باب استحباب العفو (٤/ ٢٠٠١) حديث (٢٥٨٨)، وابن ابن خزيمة في صحيحه - باب ذكر نماء المال بالصدقة منه، وإعطاء الرب - عز وجل - المتصدقَ الخُلفَ (٢/ ١١٦٨)، حديث (٢٤٣٨)، وغيرهما من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وتمامه: «... وما زَادَ اللهُ عَبدًا بِعَفوٍ، إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ لِلَّه إلَّا رَفَعَهُ اللهُ».
(٢) الروم: ٣٩.
(٣) سبأ: ٣٩.
(٤) فقه العبادات، محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: ١٤٢١ هـ)، اللجنة العلمية في مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثمين الخيرية، (ص: ١٨٣).