للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصُّفَّة»، وقال مجاهد: «هم مهاجرو قريش بالمدينة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، أمروا بالصدقة عليهم» (١).

ولذلك نسبت إليهم الصُّفَّة، فقيل: صفة المهاجرين، كما روي عن واثلة ابن الأسقع - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءهم في صفة المهاجرين، فسأله إنسان: أيُّ آية في القرآن أعظم؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم» (٢).

ثم نزل بها الغرباء من الوفود الذين كانوا يَقْدُمون على النبي - صلى الله عليه وسلم - مُعْلِنين إسلامهم وطاعتهم (٣).

لذا فأهل الصُّفَّة ينتمون إلى قبائل شتى، من مهاجري مكة وغيرها، يدل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفهم بالأوْفَاض (٤)، فعن أبي رافع - رضي الله عنه - قال: «لما ولدت فاطمة حسنًا، قالت: ألا أعق عن ابني بدم، قال: لا، ولكن احلقي رأسه، وتصدقي بوزن شعره من فضة على المساكين، والأوفاض، وكان الأوفاض ناسًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محتاجين في المسجد، أو في الصُّفَّة، وقال أبو النضر: من الورق على الأوفاض- يعني: أهل الصُّفَّة، أو على المساكين- ففعلت ذلك، قالت: فلما ولدت حسينًا فعلت مثل ذلك» (٥).

والأَوْفَاض: الفِرق من الناس والأخلاط من قبائل شتى، من وَفَضَت الإبل إذا تفرقت، قال أبو عبيد: والمراد بهم أهل الصُّفَّة؛ لأنهم كانوا أخلاطًا من قبائل شتى (٦).

إلا أن المتأمل في الروايات السابقة التي أوردتها يجد أن أهل الصُّفَّة مع اختلاف قبائلهم، وتعدد مواطنهم، كان بينهم عدد من مهاجري مكة (٧)، ويؤيد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤاخ بين


(١) الدر المنثور للسيوطي (٢/ ٨٩)، وفتح القدير للمناوي (١/ ٢٩٣)، نقلًا عن الصُّفة تاريخها- أصحابها، دراسة تاريخية توثيقية، محمود محمد حمو، مرجع سابق، (ص ٢٧).
(٢) المعجم الكبير للطبراني (١/ ٣٣٤)، رقم الحديث (٩٩٩).
(٣) الصُّفة، دراسة تاريخية توثيقية، مرجع سابق، (ص: ٢٧).
(٤) المرجع السابق، (ص: ٢٨).
(٥) المعجم الكبير للطبراني (١/ ٣١١)، حديث (٩١٨)؛ والسنن الكبرى للبيهقي، جماع أبواب العقيقة، باب ما جاء في التصدق بزنة شعره فضة وما تعطى القابلة (٩/ ٥١٢)، حديث: ١٩٢٩٩.
(٦) الصُّفة، دراسة تاريخية توثيقية، مرجع سابق، (ص: ٢٨).
(٧) المرجع السابق، (ص: ٢٩).