للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله عليهم (١)، وغيرهم الكثير رضوان الله عليهم.

رابعًا: وظائف الجيش والعمل العسكري

إن انقطاع أهل الصُّفَّة للعلم والعبادة لم يعزلهم عن المشاركة في أحداث المجتمع، والإسهام في الجهاد، وبناء الدولة الإسلامية، فالإسلام دين ودولة، ومصحف وسيف، بل كانوا كالمرابطين في سبيل الله، فكلما جهز النَّبي - صلى الله عليه وسلم - سرية أو غزوة، كانوا من أول المسارعين إليها، فأشبهوا قوات الطوارئ، حتَّى وصفهم الله عزَّ وجلَّ بالمحصرين في سبيل الله (٢)، حيث قال عز من قائل: {الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} (٣) قال بعض المفسرين: «هم أهل الصُّفَّة، كانوا نحوًا من أربعمائة من فقراء المهاجرين، يسكنون صُفَّة المسجد، يستغرقون أوقاتهم بالتعلُّم والجهاد، وكانوا يخرجون في كل سرية بعثها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (٤).

وكان منهم الشهداء ببدر مثل صفوان بن بيضاء، وخريم بن فاتك الأسدي، وخبيب بن يساف، وسالم بن عمير، وحارثة بن النعمان الأنصاري (٢)، ومنهم من استشهد بأُحد مثل حنظلة الغسيل (٣)، ومنهم من شهد الحديبية مثل جرهد بن خويلد، وأبو سريحة الغفاري (٤)، ومنهم من استشهد بخيبر مثل ثقف بن عمرو (٥)، ومنهم من استشهد بتبوك مثل عبد الله ذي البجادين (٦)، ومنهم من استشهد باليمامة مثل سالم مولى أبي حذيفة، وزيد بن الخطاب (٧)، نعم هكذا كانوا رهبانًا في الليل فرسانًا في النهار (٥).


(١) المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
(٢) الصُّفة، دراسة تاريخية توثيقية، مرجع سابق، (ص: ٤٥).
(٣) سورة البقرة: ٢٧٣.
(٤) تفسير البغوي (١/ ٢٥٩).
(٥) السيرة النبوية الصحيحة د. أكرم ضياء العمري، مرجع سابق (١/ ٢٦٤).