للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه، ثمَّ يجمع إليه ثوبه، إلا وعى ما أقول، فبسطت نمرة علي، حتَّى إذا قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالته جمعتها إلى صدري، فما نسيت من مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك من شيء» (١).

وقد أفرد مسند أبي هريرة بالتصنيف، دون بقي بن مخلد جماعة، منهم؛ الطبراني، وإسماعيل بن إسماعيل بن إسحاق القاضي، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو العباس أحمد بن محمد البرقي، وخلق سواهم. ونقل صاحب فواتح الرحموت على مسلِّم الثبوت، عن العراقي قوله: أجمع الصحابة على أن من استفتى أبا بكر وعمر أميري المؤمنين، فله أن يستفتي أبا هريرة ومعاذًا بن جبل وغيرهما، ويعمل بقولهم من غير نكير، وفي محل آخر من فواتح الرحموت أيضًا: أبو هريرة فقيه مجتهد لا شك في فقاهته، فإنه كان يفتي في زمن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده، وكان يعارض قول ابن عباس وفتواه، وفي بعض شروح الأصول للإمام فخر الدين: روى عنه سبعمائة نفر من أولاد المهاجرين والأنصار، وروى عنه جماعة من الصحابة قال الكتاني: قلت: وقد وقفت في تونس على رسالة جليلة لمفتي المالكية بها الأستاذ الشيخ محمد النجار سمَّاها: شمس الظهيرة في بيان فضل وفقه أبي هريرة، ولما ذكر الحافظ ابن القيم، في كتابه: الوابل الصيب حفظ عبد الله بن عباس وفقهه قال: وأين تقع فتاوى ابن عباس وتفسيره واستنباطه من فتاوى أبي هريرة وتفسيره، وأبو هريرة أحفظ منه بل هو حافظ الأمة على الإطلاق يؤدِّي الحديث كما سمعه، ويدرسه درسًا، فكانت همَّته مصروفة إلى الحفظ، وتبليغ ما حفظه كما سمعه، وهمة ابن عباس مصروفة إلى التفقُّه والاستنباط، وتفجير النصوص، وشق الأنهار منها. وهكذا النَّاس قسمان حفاظ، ومعتنون بالاستنباط (٢) وخرَّج الحاكم مرفوعًا: أبو هريرة وعاء العلم وأخرج الإمام أحمد عن ابن مسعود أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: يرحمك الله فإنك عليم معلِّم (٣).

ومن علماء الصُّفَّة عبادة بن الصامت، فقد ورد أنه من أئمة الفتوى من الصحابة رضوان


(١) صحيح البخاري، كتاب البيوع (٢/ ٧٢١)، حديث (١٩٤٢).
(٢) التراتيب الإدارية (نظام الحكومة النبوية)، مرجع سابق (٢/ ٢٧١).
(٣) المرجع السابق، (٢/ ٢٧٦).