للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢. عمل ثلاثة من أهل الصُّفَّة في خدمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير مواليه (٣) وهم (أبو فراس الأسلمي، وأسماء بن حارثة بن سعيد الأسلمي، وواثلة بن الأسقع الليثي).

٣. شغل أحدهم منصب خازن المال (وزير المالية) وهو بلال بن رباح - رضي الله عنه -.

ثانيًا: وظيفة التعليم

اشتهر بعض أهل الصُّفَّة بالعلم وحفظ الحديث (١)، والتعليم، مما ساهم في حفظ الدين الَّذي هو أهم الضروريات الخمس: ومن أشهرهم أبو هريرة - رضي الله عنه -، فقد روى من الأحاديث خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وستين حديثًا، فهو أكثر الصحابة رواية للحديث، وأحفظهم، وقد حكى النووي الإجماع على ذلك، وقاله سعيد بن أبي الحسن، وابن حنبل، وتبعهما ابن الصلاح، والعراقي في الألفية وغيره، وترجمه الذهبي في طبقات الحفاظ، فنقل عن الشافعي: «أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره»، قال: وروى كهمس عن عبد الله بن شفيق: قال: قال أبو هريرة: «لا أعرف أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحفظ لحديثه مني»، وذكر أن ابن عمر قال لأبي هريرة: «إن كنتَ لألزمنا، وأعلمنا بحديثه» (٢).

وقد تحدث أبو هريرة - رضي الله عنه - عن طلبه العلم، وملازمته النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، ودعائه له، فقال: «إنكم تقولون إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقولون ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل حديث أبي هريرة، وإن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم صفق بالأسواق، وكنت ألزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا، وكان يشغل إخوتي من الأنصار عمل أموالهم، وكنت امرأً مسكينًا من مساكين الصُّفَّة، أعي حين ينسون، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث يحدثه: «إنه لن يبسط أحد ثوبه حتَّى أقضي مقالتي


(١) الصُّفة، دراسة تاريخية توثيقية، مرجع سابق، (ص: ٢٧).
(٢) التراتيب الإدارية والعمالات والصناعات والمتاجر والحالة العلمية التي كانت على عهد تأسيس المدنية الإسلامية في المدينة المنورة العلمية، محمد الإدريسي، المعروف بعبد الحي الكتاني (المتوفى: ١٣٨٢ هـ)، تحقيق: عبد الله الخالدي، دار الأرقم- بيروت، الطبعة: الثانية، (٢/ ٢٧١