للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخرج الاستخبار، أي الاستفهام عن معناه الحقيقي للدلالة عليها.

وعن هذه المعاني يقول: «ويكون اللفظ استخبارا والمعنى «تفجّع» نحو: مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً؟ ويكون استخبارا والمعنى «تبكيت» نحو: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ تبكيت للنصارى فيما

ادعوه، ويكون استخبارا والمعنى «استرشاد» نحو:

أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها؟، ويكون استخبارا، والمراد به «الإفهام» نحو قوله جل ثناؤه: وَما تِلْكَ (١) بِيَمِينِكَ يا مُوسى؟، قد علم الله أن لها أمرا قد خفي على موسى عليه السّلام فأعلمه من حالها ما لم يعلم، ويكون المعنى استخبارا، والمعنى «تكثير» نحو قوله جل ثناؤه: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها؟ وكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها، وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ؟، ومثله:

كم من دنيّ لها قد صرت أتبعه ... ولو صحا القلب عنها كان لي تبعا.

وقد يكون اللفظ استخبارا، والمعنى «إخبار وتحقيق» نحو قوله جل ثناؤه: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ؟، قالوا معناه: «قد أتى».

ثم يستطرد فيقول: ومن دقيق باب الاستفهام أن يوضع في «الشرط» وهو في الحقيقة للجزاء، وذلك كقول القائل: إن أكرمتك تكرمني؟ المعنى:

أتكرمني إن أكرمتك؟ قال الله جل ثناؤه: أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ؟.

تأويل الكلام: أفهم الخالدون إن متّ؟ ومثله: أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ؟ تأويله: أفتنقلبون على أعقابكم إن مات؟ (٢).

ولكن بالتأمل يمكن إدخال بعض المعاني التي أشار إليها ابن فارس في بعض المعاني السابقة التي خرج إليها الاستفهام.

كذلك ذكر ابن فارس أن العرب ربما حذفت همزة الاستفهام، وأورد


(١) الإشارة هنا إلى عصا موسى.
(٢) انظر كتاب الصاحبي ص ١٨١.

<<  <   >  >>