في البحث السابق عرضنا للخبر فاستوفينا القول عنه من حيث مفهومه، وأضربه، وأغراضه الأصلية، ومؤكداته، وأغراضه الأخرى التي يحتملها لفظه. والآن ننتقل إلى قسيم الخبر، أو إلى القسم الثاني من الكلام، وهو «الإنشاء» فنفصل القول فيه.
وإذا كان الإنشاء قسيم الخبر، وكان الخبر هو ما يحتمل الصدق والكذب، فإن الإنشاء إذن هو الكلام الذي لا يحتمل الصدق والكذب لذاته، وذلك لأنه ليس لمدلول لفظه قبل النطق به وجود خارجي يطابقه أو لا يطابقه.
فالمعري مثلا عند ما يقول:
لا تظلموا الموتى وإن طال المدى ... إني أخاف عليكم أن تلتقوا
قد استعمل أحد أساليب الإنشاء وهو أسلوب النهي في قوله:«لا تظلموا الموتى». ونحن لا يمكننا هنا أن نقول إن المعري صادق أو كاذب في