«الباء» ومن استعمالاتها أن تزاد لتوكيد ما بعدها، وقد تزاد كثيرا في الخبر بعد «ليس وما» النافيتين، وعندئذ تكون زيادتها لتوكيد نفي ما بعدها، وذلك نحو قوله تعالى: وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ،* وقوله تعالى أيضا: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بمسيطر. وقول معن ابن أوس:
ولست بماش ما حييت لمنكر ... من الأمر لا يمشي لمثله مثلي
فزيادة الباء هنا إنما هو لتأكيد معنى النفي؛ أي تأكيد نفي ما بعدها.
١٠ - «حروف التنبيه»: ومما يزاد أيضا حروف التنبيه، ومنها «ألا وأما» بفتح الهمزة والتخفيف. و «ألا» قد تزاد للتنبيه، وعندئذ تدل على تحقق ما بعدها، ومن هنا تأتي دلالتها على معنى التأكيد، وذلك نحو قوله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
و «أما» حرف استفتاح وهي بمنزلة «ألا» في دلالتها على تحقق ما بعدها تأكيدا، ويكثر مجيئها قبل القسم، لتنبيه المخاطب على استماع القسم وتحقيق المقسم عليه، نحو قوله أبي صخر الهذلي:
أما والذي أبكى وأضحك والذي ... أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما النفر (١)
...
[خروج الخبر عن مقتضى الظاهر]
من دراستنا السابقة لأضرب الخبر أدركنا أن المخاطب على حسب تخيل المتكلم أو القائل إن كان خالي الذهن ألقي إليه الخبر غير مؤكد، وإن كان مترددا شاكا في مضمونه طالبا معرفته حسن توكيده له، وإن كان منكرا للخبر وجب توكيده له بمؤكد أو أكثر على حسب درجة إنكاره قوة وضعفا.
وإلقاء الكلام أو الخبر بهذه الطريقة المتدرجة على حسب جهل
(١) لا يروعهما النفر: لا يفزعهما التفرق أو الفراق.