ويقول البلاغيون: إن احتمال الخبر للصدق والكذب إنما يكون بالنظر إلى مفهوم الكلام الخبريّ ذاته، دون النظر إلى الخبر أو الواقع؛ إذ لو نظرنا عند الحكم على الخبر بالصدق أو الكذب إلى الخبر أو الواقع، لوجدنا أن من الأخبار ما هو مقطوع بصدقه لا يحتمل كذبا، وما هو مقطوع بكذبه لا يحتمل صدقا.
فمن الأخبار المقطوع بصحتها ولا تحتمل الكذب البتة أخبار الله تعالى، أي كل ما يخبرنا الله به، وأخبار رسله، والبديهات المألوفة من مثل:
السماء فوقنا والأرض تحتنا، وماء البحر ملح وماء النهر عذب.
ومن الأخبار المقطوع بكذبها ولا تحتمل الصدق الأخبار المناقضة للبديهيات، نحو: الجزء أكبر من الكل، والأسبوع خمسة أيام، وكذلك الأخبار التي تتضمن حقائق معكوسة، نحو: الأمانة رذيلة والخيانة فضيلة.
ولكن هذه الأخبار المقطوع بصحتها أو المقطوع بكذبها إذا نظرنا إليها ذاتها دون النظر إلى قائلها أو إلى الواقع كانت محتملة للصدق والكذب، شأنها في ذلك شأن سائر الأخبار.