ومن هذه المعاني الأخرى الزائدة التي تحتملها ألفاظ الاستفهام وتستفاد من سياق الكلام:
[اقسام الاستفهام]
[١ - النفي]
وذلك عند ما تجيء لفظة الاستفهام للنفي لا لطلب العلم بشيء كان مجهولا.
ومن أمثلة ذلك في القرآن الكريم قوله تعالى: فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ؟، وقوله: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ؟ وقوله: أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ؟، وقوله: ومَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ؟.
فظاهر هذه الآيات الكريمة الاستفهام، والمعنى: لا هادي لمن أضل الله. وليس جزاء الإحسان إلا الإحسان. ولست تنقذ من في النار. ولا أحد يشفع عنده إلا بإذنه.
ومن الشعر الذي خرج فيه الاستفهام إلى النفي قول الفرزدق:
أين الذين بهم تسامي دارما؟ ... أم من إلى سلفي طهيّة تجعل؟
وقول أبي فراس في رثاء أمه:
إلى من أشتكي؟ ولمن أناجي ... إذا ضاقت بما فيها الصدور؟
بأيّ دعاء داعية أوقى؟ ... بأيّ ضياء وجه استنير؟
بمن يستدفع القدر الموفى؟ ... بمن يستفتح الأمر العسير؟
وقول المتنبي من قصائد مختلفة:
ومن لم يعشق الدنيا قديما؟ ... ولكن لا سبيل إلى الوصال.
يفنى الكلام ولا يحيط بفضلكم ... أيحيط ما يفنى بما لا ينفد؟
وهل تفنى الرسائل في عدوّ ... إذا ما لم يكنّ ظبا (١) رقاقا؟
كيف الرجاء من الخطوب تخلّصا ... من بعد ما أنشبن فيّ مخالبا؟
(١) الظبا: جمع ظبة بضم الظاء وباء مخففة وهي حد السيف. والمعنى لا يشتفى من العدو إلا بالقتل.