يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ؟ أي ينكر عليهم أن يكونوا هم المتخيرين للنبوة من يصلح لها المتولين لقسم رحمة الله التي لا يتولاها إلّا هو بباهر قدرته وبالغ حكمته. وعدّ الزمخشري من هذا الضرب قوله تعالى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ؟، وقوله تعالى أيضا: أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ؟ على أن المعنى: أفأنت تقدر على إكراههم على الإيمان؟ وأ فأنت تقدر على هدايتهم على سبيل القسر والإلجاء؟ أي إنما يقدر على ذلك الله لا أنت.
وقد يكون المنكر «المفعول» نحو قوله تعالى: أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا؟، وقوله تعالى: أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ؟ وقد يكون «المفعول لأجله» نحو قوله تعالى: أَإِفْكاً (١) آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ؟ أي أتريدون آلهة غير الله كذبا؟
وهكذا ...
[١٠ - التهكم]
ويقال له أيضا السخرية والاستهزاء، وهو إظهار عدم المبالاة بالمستهزأ أو المتهكم به ولو كان عظيما. وقد
يخرج الاستفهام عن معناه الأصلي للدلالة على المعنى، نحو قوله تعالى حكاية عن الكافرين في شعيب: قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا؟، فالقصد هنا هو الاستخفاف بشأن شعيب في صلاته التي يلازمها، لأن شعيبا كان كثير الصلاة، وكان قومه إذا رأوه يصلي تضاحكوا، فقصدوا بسؤالهم لشعيب الهزء والسخرية والتهكم لا حقيقة الاستفهام.
ومثله قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السّلام: فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ: أَلا تَأْكُلُونَ؟ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ؟، فالمعنى أن إبراهيم ذهب خفية إلى أصنام قومه فقال لهم هذا القول تهكما بهم وسخرية واستهزاء. ومنه قوله تعالى: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ؟.