للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يلي أهم الدواعي التي ترجح حذف كليهما.

[دواعي حذف المسند إليه إذا كان مبتدأ]

١ - الاحتراز عن العبث: وذكر المسند إليه في الجملة ليس عبثا في الحقيقة لأنه ركن للإسناد، ولكن المراد هنا «بالاحتراز من العبث» أن ما قامت عليه القرينة وظهر عند المخاطب يعد ذكره عبثا من حيث أنه يقلل من قيمة العبارة بلاغيا.

فإذا تقرر ذلك قلنا إن المبتدأ يكثر حذفه لداعي الاحتراز عن العبث في المواضع التالية:

أ- إذا وقع المبتدأ الذي هو المسند إليه في جواب الاستفهام، نحو قوله تعالى في شأن الهمزة (١) اللمزة: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ؟ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ، أي هي نار الله الملتهبة التهابا شديدا. وقوله تعالى:

فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ؟ نارٌ حامِيَةٌ «١»، أي هي نار حامية. وقوله تعالى: وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ؟ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢)، أي هم في سدر (٣) مخضود وطلح منضود.

ب- وإذا وقع بعد الفاء المقترنة بجواب الشرط، نحو قوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها،* أي فعمله لنفسه، وإساءته


(١) الهمزة: كثير الهمز والعيب في غيره، واللمزة: الكثير الطعن في غيره خفية، لينذبن: والله ليطرحن.
(٢) أمه: المراد مرجعه الذي يأوي إليه كما يأوي الطفل إلى أمه، والهاوية: أصلها المكان المنخفض كثيرا، الذي لا يرجع من سقط فيه، والكلام هنا من قبيل التهكم، وماهيه؟:
أصلها: ما هي؟ والعرب تزيد هاء ساكنة على آخر الكلمة ويسمونها هاء السكت.
(٣) السدر: هو شجر ثمره النبق، ولكنه ليس كما في الدنيا بل هو فاكهة تليق بالجنة، مخضود:
مقطوع الشوك ولم يبق إلا الثمر، وطلح منضود: موز متراكب بعضه. فوق بعض، والكلام هنا على سبيل التمثيل.

<<  <   >  >>