للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط مما تطيح الطوائح (١)

وذلك ببناء «ليبك» للمجهول، وكأن سائلا سأل: من يبكي يزيد؟

فأجيب: ضارع ومختبط، أي: ليبكه ضارع لخصومة، وليبكه مختبط ...

[ج- حذف المفعول به]

والمفعول به قد يحذف لدواع وأغراض بلاغية، شأنه في ذلك شأن المسند إليه والمسند. ومن أهم هذه الدواعي والأغراض:

١ - إفادة التعميم مع الاختصار نحو قوله تعالى: وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ، أي يدعو جميع عباده، لأن حذف المعمول يؤذن بالعموم.

وهذا التعميم يمكن أن يستفاد من ذكر المفعول بصيغة العموم كقولنا «يدعو جميع عباده» ولكن ذلك من شأنه أن يفوت مزية الاختصار أو الإيجاز.

٢ - تنزيل الفعل المتعدي منزلة الفعل اللازم، وذلك لعدم تعلق الغرض بذكر المفعول، لأن المراد في مثل هذه الحالة هو إفادة مجرد ثبوت الفعل للفاعل أو نفيه، نحو قوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ؟، فالمعنى: هل يستوي من لهم علم ومن لا علم لهم؟ بغض النظر عن المعلوم أيا كان نوعه.

ونحو قول البحتري:

إذا أبعدت أبلت وإن قربت شفت ... فهجراتها يبلي ولقيانها يشفي

فهو لم يقل: أبلتني وشفتني لعدم تعلق غرض الشاعر بذكر المفعول، لأن ما يريد أن يعبر عنه هو أن إبعادها بلاء وداء وتقريبها شفاء.

٣ - مجرد الاختصار أو الإيجاز: نحو قوله تعالى: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ؛ أي: أرني ذاتك. ونحو: أصغيت إليه، أي أصغيت إليه أذني.

٤ - تحقيق البيان بعد الإبهام، وذلك لتقرير المعنى في النفس.


(١) ضارع لخصومه: مستغيث من خصومة، والضارع: الضعيف من الرجال أيضا، والمختبط، طالب الرفد، والذي يسألك ويطلب معروفك من غير سابق معرفة ولا قرابة، ومما تطيح الطوائح: أي مما تلحق به الخطوب، والطائح: المشرف على الهلاك.

<<  <   >  >>