بعضهما ببعض، و «ما» حرف زائد للدلالة على تأكيد هذا الارتباط في كل حال من الأحوال.
ومثاله من الشعر قول البحتري:
وإذا ما جفيت كنت حريّا ... أن أرى غير مصبح حيث أمسي
ومثاله من شعر البارودي في وصف بعض مظاهر شيخوخته من ضعف بصره وثقل سمعه:
لا أرى الشيء حين يسنح إلا ... كخيال كأنني في ضباب
وإذا ما دعيت حرت كأني ... أسمع الصوت من وراء حجاب
فما قد زيدت بعد «إذا» في المثالين السابقين لتأكيد معنى هذا الظرف.
ومثاله من سائر الكلام «غضبت من غير ما جرم» أي من غير جرم، و «جئت لأمر ما» فما زائدة للتأكيد، والمعنى على النفي «ما جئت إلا لأمر».
و «لا» تزاد مؤكدة ملغاة نحو قوله تعالى: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، فلا زائدة، والمعنى ليعلم أَهْلُ الْكِتابِ ... ، ونحو قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ فلا زائدة، والمعنى فأقسم بمواقع النجوم.
و «من» قد تزاد توكيدا لعموم ما بعدها في نحو «ما جاءنا من أحد» فإن أحدا صيغة عموم، بمعنى ما جاني أي أحد. ولا تكون «من» زائدة للعموم إلا إذا تقدمها نفي أو نهي أو استفهام ب «هل»؛ فالنفي نحو قوله تعالى: وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها، وقوله ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ، والنهي نحو «لا تهمل من غذاء عقلك» والاستفهام نحو قوله تعالى: هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ؟ (١) ونحو هل من شاعر بينكم؟ و «من» هذه التي تزاد توكيدا لعموم ما بعدها نفيا كان أو نهيا أو استفهاما يكون الاسم الواقع بعدها إما فاعلا أو مفعولا أو مبتدأ كما في الأمثلة السابقة.