للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلتحقيق إخراج نوع الرجاء الذي فيه الإرادة، وإخراج غيره مما فيه الطماعية (١).

ومن ذلك يتضح أن التمني: طلب أمر محبوب لا يرجى حصوله: إما لكونه مستحيلا، والإنسان كثيرا ما يجب المستحيل ويطلبه، وإما لكونه ممكنا غير مطموع في نيله.

فالأول: وهو طلب الأمر المحبوب الذي لا يرجى حصوله لكونه مستحيلا، مثل قول الشاعر:

ألا ليت الشباب يعود يوما ... فأخبره بما فعل المشيب

وقول ابن الرومي في شهر رمضان:

فليت الليل فيه كان شهرا ... ومرّ نهاره مرّ السحاب

وقول آخر:

ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها ... عقود مدح فما أرضى لكم كلمي

ونحو قول المتنبي:

ليت الحوادث باعتني الذي أخذت ... منّي بحلمي الذي أعطت وتجريبي

فما الحداثة من حلم بمانعة ... قد يوجد الحلم في الشبان والشيب (٢)

والثاني: وهو طلب الأمر المحبوب الذي لا يرجى حصوله لكونه ممكنا غير مطموع في نيله، نحو قوله تعالى: يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ وقوله تعالى أيضا: يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ.

وكقول مروان بن أبي حفصة في رثاء معن بن زائدة:

فليت الشامتين به فدوه ... وليت العمر مدّ له فطالا


(١) انظر مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح لابن يعقوب المغربي على هامش مختصر سعد الدين التفتازاني ج ٢ ص ٢٣٩.
(٢) الحلم هنا بمعنى العقل، والجمع حلوم وأحلام.

<<  <   >  >>