ومن أمثلة حذف المبتدأ لضيق المقام من خوف فوات الفرصة قولك عند رؤية نار تنبعث فجأة من منزل مجاور: حريق. تريد: هذه حريق.
وكقولك عند رؤية شخص يعوم في البحر ثم يختفي في مائه ولا يظهر:
غريق. تريد: هذا غريق. وقول الصياد: غزال. يريد: هذا غزال.
٣ - تيسير الإنكار عند الحاجة إلى الإنكار:
وتفصيل ذلك أنه قد تجد مواقف يصرح فيها المتكلم بذكر شيء ثم تدعوه اعتبارات خاصة إلى جحدها وإنكارها. مثال ذلك أن يذكر شخص بعينه في معرض الحديث عن الكرم والكرماء، فيبدي فيه أحد الحضور رأيه قائلا: بخيل شحيح. يريد: هو بخيل شحيح.
فحذف المبتدأ في هذا الموقف تقتضيه البلاغة، لأن في حذفه فرصة لصاحب الرأي أن ينكر نسبة هذا الرأي إلى
نفسه. ولو أنه صرح بذكره فقال مثلا: فلان بخيل شحيح، لأقام البينة على نفسه بهذا التصريح ولما استطاع الإنكار.
٤ - تعجيل المسرة بالمسند، كأن يلوح شخص بكأس فاز بها في مسابقة قائلا: جائزتي. يريد: هذه جائزتي. ونحو قول القائل: دينار. يريد:
هذا دينار.
٥ - إنشاء المدح أو الذم أو الترحم: فالمسند إليه إذا كان مبتدأ يترجح حذفه إذا قصد به إنشاء المدح أو الذم أو الترحم، وكان في الكلام قرينة تدل عليه.
فمن أمثلة حذفه لإنشاء المدح قولنا:«الحمد لله أهل الحمد» برفع «أهل»، أي هو أهل الحمد. ومنه قولهم، بعد أن يذكروا الممدوح، فتى من شأنه كذا وكذا، وأغرّ من صفته كيت وكيت، كقول الشاعر:
سأشكر عمرا ما تراخت منيتي ... أيادي لم تمنن وإن هي جلت
فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت