للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك تجري مجرى النغمات والطعوم».

«ومن يبلغ جهله إلى أن لا يفرق بين لفظة الغصن ولفظة العسلوج (١)، وبين لفظة المدامة ولفظة الإسفنط (٢)، وبين لفظة السيف ولفظة الخنشليل، وبين لفظة الأسد ولفظة الفدوكس (٣)، فلا ينبغي أن يخاطب بخطاب، ولا يجاوب بجواب، بل يترك وشأنه».

...

ولعل من المفيد أن نفرق منذ البدء بين البلاغة العربية والنقد الأدبي حيث لكل منهما ميدانه الخاص وفلكه الذي يدور فيه. فالبلاغة العربية تقف عند حدود البحث في مظاهر الجمال الحسي والمعنوي في المفردات والجمل، أما البحث في القيمة الجمالية للنص الأدبي المتكامل في أي صورة من صوره، فهذا من وظيفة النقد الأدبي.

وعلى هذا المفهوم فإن البلاغة العربية تقدم بنظرياتها للناقد أهم الأدوات التي تعينه على تقييم الأعمال الأدبية والحكم عليها.

وما دام ميدان البلاغة العربية قاصرا على البحث في مظاهر الجمال الحسي والمعنوي في المفردات والجمل، وما دمنا نحاول دراسة علم المعاني الذي هو أحد علوم البلاغة العربية، فإن الأمر يستأدينا قبل الانتقال إلى مباحث هذا العلم تفصيلا أن نستكمل الكلام عن الفصاحة والبلاغة.

...

لقد عرفنا مما سبق حد كل من الفصاحة والبلاغة، وخلاصته أن الفصاحة يوصف بها المفرد والكلام والمتكلم، فيقال: لفظة فصيحة، وكلام فصيح، ورجل فصيح. أما البلاغة فيوصف بها الكلام والمتكلم فقط، فيقال: كلام بليغ، ورجل بليغ. وبين الاثنين عموم وخصوص مطلق،


(١) العسلوج: الغصن الناعم لسنته.
(٢) الإسفنط: اسم من أسماء الخمر فارسي معرب، وقيل رومي معرب.
(٣) الفدوكس: الأسد.

<<  <   >  >>