الأمثلة السابقة هي: النفي والاستثناء، وإنما، والعطف بلا، أو لكن، أو بل، أو تقديم ما حقه التأخير. وعلماء المعاني يطلقون على التخصيص المستفاد من هذه الوسائل اسم «القصر»، كما يطلقون على الوسائل ذاتها اسم «طرق القصر».
...
وإذا رجعنا إلى الأمثلة السابقة مرة ثالثة وبحثنا فيها مثالا مثالا، وجدنا في المثال الأول أن علم الغيب مقصور، ولفظ الجلالة مقصور عليه، وهما «طرفا القصر». ولما كان علم الغيب صفة من الصفات، ولفظ الجلالة «الله» هو الموصوف، كان القصر في هذا المثال قصر «صفة على موصوف»، بمعنى أن الصفة لا تتعدى الموصوف إلى موصوف آخر.
وفي المثال الثاني قصر العرب على الوفاء، فالعرب مقصورون والوفاء مقصور عليهم وهما «طرفا القصر» ولما كان العرب موصوفين والوفاء صفة لهم، كان القصر في هذا المثال قصر «موصوف على صفة»، بمعنى أن الموصوف لا يفارق صفة الوفاء إلى أي صفة أخرى.
وفي المثال الثالث قصرت صداقة الجاهل على التعب، فصداقة الجاهل مقصورة والتعب مقصور عليها، وهما «طرفا القصر». ولما كانت صداقة الجاهل موصوفة والتعب صفة لها، كان القصر في هذا المثال قصر «موصوف على صفة» أيضا، بمعنى أن الموصوف لا يتعدى صفة التعب إلى صفة أخرى كالراحة مثلا.
وفي المثال الرابع قصرت الإجادة على الشعر، فالإجادة مقصورة والشعر مقصور عليه، وهما «طرفا القصر»، ولما كانت الإجادة صفة من الصفات، والشعر هو الموصوف، كان القصر في هذا المثال قصر «صفة على موصوف»، بمعنى أن الصفة لا تتعدى الموصوف إلى موصوف آخر، وإن كان هو يتعداها إلى صفات أخرى.
وفي المثال الخامس قصر وضع الإحسان في غير موضعه على الظلم،