ف «لا» في هذا الموضع قائمة مقام جملة خبرية تقديرها في المثال الأولى «لم تتحسن صحته» وتقديرها في المثال الثاني «لا حاجة لي»، وكل من جملتي «لطف الله به» و «حفظك الله» جملة دعائية إنشائية. وقد كان الأمر يقتضي هنا الفصل بين الجملتين لاختلافهما خبرا وإنشاء، فيقال في المثال الأول «لا لطف الله به» وفي الثاني «لا حفظك الله». ولكن الفصل على هذه الصورة يجعل السامع يتوهم أنك تدعو عليه في حين أنك تقصد الدعاء له. ولذلك وجب العدول هنا عن الفصل إلى الوصل. وكذلك الحال في كل جملتين اختلفتا خبرا وإنشاء وكان العطف بينهما يوهم خلاف المقصود.
وفيما يلي تلخيص وتجميع للقواعد التي تحكم مواضع الوصل: يجب الوصل بين الجملتين في ثلاثة مواضع:
الأول- إذا قصد إشراك الجملتين في الحكم الإعرابي.
الثاني- إذا اتفقت الجملتان خبرا أو إنشاء، وكانت بينهما جهة جامعة، أي مناسبة (١) تامة، ولم يكن هناك سبب يقتضي الفصل بينهما.
الثالث- إذا اختلفت الجملتان خبرا وإنشاء، وأوهم الفصل خلاف المقصود.
...
وفيما يلي طائفة أخرى من أمثلة الوصل يترك للدارس أمر التعرف إلى موضع الوصل في كل منها
وموجبه.
١ - قال تعالى: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً.
٢ - وقال تعالى: وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي.
(١) يقصد بالتناسب أن تكون بين الجملتين رابطة أو صلة تجمع بينهما، كأن يكون المسند إليه في الأولى له تعلق بالمسند إليه في الثانية، وكأن يكون المسند في الأولى مماثلا للمسند في الثانية أو مضادا له.