للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

امرئ يئيم من عرس ولا تئيم منه عرس إلا إذا كان متزوجا.

وأما ما يفهم منه حذف الصفة فيه من شيء خارج عن الكلام فقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا صلاة

لجار المسجد إلا في المسجد» فإنه قد علم جواز صلاة جار المسجد في غير المسجد من غير هذا الحديث. فعلم حينئذ أن المراد به الفضيلة والكمال، أي: لا صلاة أفضل أو أكمل لجار المسجد إلا في المسجد. وهذا شيء لم يعلم من نفس اللفظ وإنما علم من شيء خارج عنه.

٥ - ما يكون المحذوف القسم أو جوابه: فأما حذف القسم فنحو قولك: «لأفعلن» أي: والله لأفعلن، أو غير ذلك من الأقسام المحلوف بها.

وأما حذف جواب القسم فنحو قوله تعالى: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ، فإن معناه: ق والقرآن المجيد لتبعثن. والشاهد على ذلك ما بعده من ذكر البعث في قوله تعالى: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ.

وقد ورد هذا الضرب في القرآن كثيرا، كقوله تعالى في سورة النازعات: وَالنَّازِعاتِ (١) غَرْقاً وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً. فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً. فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً. يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، فجواب القسم ههنا محذوف تقديره: لتبعثن أو لتحشرن. ويدل على ذلك ما أتى به من ذكر القيامة في قوله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، وكذلك إلى آخر السورة.


(١) النازعات غرقا: الكواكب التي تجري وتغرق وتبالغ في الجري، والناشطات نشطا:
الكواكب المتنقلات من برج إلى برج، والسابحات سبحا: الكواكب التي تسير في الجو سيرا هينا، السابقات سبقا: الكواكب التي تتم دورتها في مدة أقل من غيرها، كالقمر الذي يتم دورته كل شهر، مع أن الشمس تتمها كل عام، والمدبرات أمرا: أي المتسببات في حدوث الأمور المترتبة على سيرها من اختلاف الفصول ومعرفة عدد السنين والحساب.

<<  <   >  >>