والإيضاح فتتوجه إلى ما يرد بعد ذلك. فإذا ألقي كذلك تمكن فيها فضل تمكن، وكان شعورها به أتم ولذتها بالعلم به أكمل.
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ، فإن قوله تعالى: أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ
مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ
إيضاح للإبهام الذي تضمنه لفظ «الأمر»، وذلك لزيادة تقرير المعنى في ذهن السامع بذكره مرتين: مرة على طريق الإجمال والإبهام، ومرة على طريق التفصيل والإيضاح.
ومن هذا النوع من الإطناب أيضا قوله تعالى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى؟، فقوله تعالى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ كلام مجمل مبهم فصله ووضحه الكلام الذي جاء بعده.
ومنه كذلك قوله تعالى: أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ فإن ذكر الأنعام والبنين توضيح لما أبهم قبل ذلك في قوله: بِما تَعْلَمُونَ.
ومن الإيضاح بعد الإبهام التوشيع- وهو أن يؤتى في عجز الكلام غالبا بمثنى مفسر باسمين أحدهما معطوف على الآخر، وذلك كقول الرسول:«يشيب ابن آدم وتشيب معه خصلتان: الحرص وطول الأمل».
ومنه شعرا قول البحتري:
لما مشين بذي الارك تشابهت ... أعطاف قضبان به وقدود