إن الثمانين «وبلغتها» ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
فقوله «وبلغتها» جملة معترضة بين اسم إن وخبرها قصد الشاعر بها الدعاء لمن يخاطبه استدرارا لعطفه عليه. ويجدر التنبيه إلى أن «الواو» السابقة للجملة الاعتراضية ليست واو الحال ولا العطف، وإنما هي «واو» الاعتراض.
ومن أمثلة الإطناب بالاعتراض أيضا قول عباس بن الأحنف:
إن تم ذا الهجر يا ظلوم «ولا ... تم» فمالي في العيش من أرب
فجملة «ولا تم» معترضة بين الشرط وجوابه. وغرض الشاعر من وراء هذا الاعتراض هو المسارعة إلى دعاء
الله بألا يقدر وقوع هذا الهجر والتقاطع بينه وبين حبيبته.
ومنه قول أبي الطيب المتنبي:
وتحتقر الدنيا احتقار مجرب ... يرى كل ما فيها «وحاشاك» فانيا
فقوله:«وحاشاك» إطناب بالاعتراض للدعاء كذلك وهو حسن في موضعه.
ج- التنبيه على أمر من الأمور: ومنه قول أبي خراش الهذلي يذكر أخاه عروة:
تقول أراه بعد عروة لاهيا ... وذلك رزء «لو علمت» جليل
فلا تحسبي أني تناسيت عهده ... ولكن صبري «يا أميم» جميل
ففي البيت الأول اعترض الشاعر بين الصفة والموصوف بقوله:«لو علمت» والغرض من الاعتراض هنا التنبيه على عظم المصاب وشدة تأثيره في نفسه وذلك لأن مفعول «علمت» محذوف تقديره: لو علمت مبلغ هذا الرزء وعظيم تأثيره في نفسي. وفي البيت الثاني اعترض بجملة النداء «يا أميم» بين اسم «لكن» وخبرها لتنبيه المخاطبة إلى جمال صبره.