ثم عاد فوضع لمنظومته شرحا، وعبد الرحمن الأخضري، وسمى نظمه «الجوهر المكنون في الثلاثة الفنون».
وممن قام باختصاره: عز الدين بن جماعة، وأبرويز الرومي، وزكريا الأنصاري.
وتلك الشروح والتلخيصات والمنظومات إن دلت على شيء فعلى جمود الفكر البلاغي وعقمه منذ عصر السكاكي. نقول ذلك لأن كل ما ظهر من شروح وتلخيصات لكتاب المفتاح لا تخرج عن كونها ترديدا وتكرارا لمادته، ومحاولات قصد بها الإيضاح بالشرح أو التقريب والتبسيط عن طريق الإيجاز والتلخيص والنظم، وإذا هي من حيث لا يريد ولا يدري أصحابها قد زادت المفتاح صعوبة على صعوبة.
وإنه ليخيل لمن يقرأ هذه الشروح والمتون أن واضعيها لم يكونوا علماء في البلاغة بمقدار ما كانوا معلمين لها، يذكرون الكلمة أو العبارة من الأصل ثم يتبعونها بشرح المراد منها، ولا يتجاوزون ذلك. كلهم في ذلك سواء، وصدق فيهم بهاء الدين السبكي:«يتناولون المعنى الواحد بالطرق المختلفة، ويتناوبون المشكل والواضح على أسلوب واحد ... لا يخالف المتأخر المتقدم إلا بتغيير العبارة، ولا يجد له على حل ما استشكل على غيره جسارة ... قصارى أحدهم أن يعزو أبياتا من الشواهد لقائليها، ويوسع الدائرة بما لا يقام له وزن من تكميل ناقصها، وإنشاد ما قبلها وما يليها ... فلو نطق «التلخيص» لتلا ما جئتم به؟ «هذه بضاعتنا ردت إلينا».
فهذه الكتب الكثيرة التي أريد بها خدمة البلاغة والنقد قد عجزت عن أن تعلم نقدا أو بلاغة، وهي إن دلت على شيء فعلى جمود عقول أصحابها وفقدانها القدرة على التجديد والابتكار.
والمقارنة بين ما كانت عليه البلاغة العربية في العصور الأولى وما صارت إليه في العصور المتأخرة ترينا كيف ازدهرت وتوهجت شعلتها على