الله، ومعرفة معجزة رسوله الذي أوتي جوامع الكلم وكان أفصح من نطق بالضاد.
وذلك الهدف يدل على مدى الأثر الذي خلفته الدراسات الأولى في البلاغة، وهو البحث في أسرار الإعجاز وأسبابه، واعتبارها مكملة للإيمان بالنبي ورسالته.
وقد أشار إلى ذلك عبد القاهر في كتابه دلائل الإعجاز بقوله:«إن الجهة التي منها قامت الحجة بالقرآن وظهرت، وبانت وبهرت، هي أنه كان على حد من الفصاحة تقصر عنه قوى البشر، ومنتهيا إلى غاية لا يطمح إليها بالفكر، وكان محالا أن يعرف كونه كذلك إلا من عرف الشعر الذي هو ديوان العرب وعنوان الأدب، والذي لا يشك أنه كان ميدان القوم إذا تجاروا في الفصاحة والبيان ... ثم بحث عن العلل التي بها كان التباين في الفضل، وزاد بعض الشعر على بعض»(١).
أما الهدف العام فلا يتعلق به غرض ديني، وإنما هو محاولة الاطلاع على أسرار البلاغة والفصاحة في غير القرآن، من كلام العرب شعره ونثره، وذلك لأن من لا علم له بأوجه البلاغة يعجز عن التمييز بين الفصيح والأفصح، والبليغ والأبلغ.
ويحضرنا هنا في معرض الكلام عن الهدف العام رأي فيه لأبي هلال العسكري مضمونه أن التهاون في طلب البلاغة من جانب صاحب العربية أيا كان قصور في الفهم وتأخر في المعرفة والعلم. وتفصيل ذلك الرأي كما يقول هو: «إن صاحب العربية إذا أخل بطلبه وفرط في التماسه، ففاتته فضيلته، وعلقت به رذيلة فوته، عفي على جميع محاسنه، وعمى سائر فضائله، لأنه إذا لم يفرق بين كلام جيد وكلام رديء، ولفظ حسن وآخر قبيح، وشعر
نادر وآخر بارد، بان جهله وظهر نقصه. وهو أيضا إذا أراد أن