للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو كان ذلك الاعتقاد خطأ في الواقع، وكذلك يكون الخبر عنده كاذبا بشرط عدم مطابقته لاعتقاد المخبر، حتى ولو كان ذلك الاعتقاد صوابا في الواقع.

وتبعا لرأي «النّظام» هذا يكون قول القائل: البحر ماؤه عذب- معتقدا ذلك- صدق، ويكون قوله: البحر ماؤه ملح- غير معتقد ذلك- كذب.

وهذا الرأي قد بني على أساس أن من اعتقد أمرا فأخبر به، ثم تبين له أنه مخالف أو غير مطابق للواقع لا يعد كاذبا، وإنما يعد مخطئا. وقد روي عن عائشة أنها قالت فيمن شأنه كذلك: «ما كذب ولكن وهم»، أي أخطأ.

...

ثم جاء «الجاحظ» بعد أستاذه «النظام» ولم يقف بالخبر عند حد الصدق والكذب. فهو ينكر انحصار الخبر في الصدق والكذب، ويزعم أن الخبر ثلاثة أقسام: صادق، وكاذب، وغير صادق ولا كاذب.

فالخبر الصادق، في رأي الجاحظ- هو المطابق للواقع مع الاعتقاد بأنه مطابق. والخبر الكاذب عنده هو الذي لا يطابق الواقع، مع الاعتقاد بأنه غير مطابق.

أما الخبر الذي ليس بصادق ولا كاذب فليس نوعا واحدا، وإنما هو أربعة أنواع، وهذه هي:

١ - الخبر المطابق للواقع مع الاعتقاد بأنه غير مطابق.

٢ - الخبر المطابق للواقع بدون اعتقاد أصلا.

٣ - الخبر غير المطابق للواقع مع الاعتقاد بأنه مطابق.

٤ - الخبر غير المطابق للواقع بدون اعتقاد أصلا.

ومن العلماء الأوائل الذين عرضوا لموضوع الخبر أيضا ابن قتيبة الدينوري في كتابه «أدب الكاتب»، وذلك إذ

يقول: «والكلام أربعة: أمر،

<<  <   >  >>