للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان الراوية في الأصل حامل المزادة، وهو البعير وما يجري مجراه، ولهذا سمي حامل الشعر راوية.

ذلك مفهوم البلاغة لغة، وقديما اختلف أهل العلم في مفهومها ووصفها بيانيا، وقد أورد ابن رشيق القيراوني في كتابه العمدة (١) طائفة من أقوال البلغاء في تحديد مفهوم البلاغة كما تصوّرها من وردت هذه الأقوال على ألسنتهم، بيد أن النظر في كل قول من هذه الأقوال لا يعطينا مفهوما جامعا مانعا للبلاغة، ولكن ربما التمس مفهوم البلاغة المنشود من ثنايا بعض هذه الأقوال، فلنحاول. سئل بعض البلغاء: ما البلاغة؟ فقال:

قليل يفهم وكثير لا يسأم. وسئل آخر فقال: معان كثيرة في ألفاظ قليلة.

وقيل لأحدهم: ما البلاغة؟ فقال: إصابة المعنى وحسن الإيجاز. وسئل بعض الأعراب: من أبلغ الناس؟ فقال: أسهلهم لفظا، وأحسنهم بديهة.

وقال خلف الأحمر: البلاغة لمحة دالة.

وقال الخليل بن أحمد: البلاغة كلمة تكشف عن البقية.

وقال المفضل الضبي: قلت لأعرابي: ما البلاغة عندكم؟ فقال:

الإيجاز من غير عجز، والإطناب من غير خطل.

وكتب جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي إلى عمرو بن مسعدة:

إذا كان الإكثار أبلغ كان الإيجاز تقصيرا، وإذا كان الإيجاز كافيا كان الإكثار عيا.

وقيل لبعضهم: ما البلاغة؟ فقال: إبلاغ المتكلم حاجته بحسن إفهام السامع، ولذلك سميت بلاغة.

وقثال آخر: البلاغة معرفة الفصل من الوصل.

وقيل البلاغة: حسن العبارة، مع صحة الدلالة.


(١) كتاب العمدة ج: ١ ص ٢١٣. وابن رشيق: هو أبو علي الحسن بن رشيق الأزدي القيرواني (٣٨٥ - ٤٦٥ هـ).

<<  <   >  >>