وتجدر الإشارة هنا إلى أن الخبر ليس مقصورا على هذين الغرضين الأصليين؛ فالواقع أنه بالإضافة إليهما قد يلقى الخبر لأغراض أخرى بلاغية تفهم من السياق وقرائن الأحوال. ومن هذه الأغراض التي يخرج الخبر عن غرضيه الأصليين إليها:
١ - إظهار الضعف: وذلك نحو قوله تعالى حكاية عن زكريا عليه السّلام: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً، وقول الشاعر:
إن الثمانين، وبلّغتها، ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
وقول المتنبي في وصف مرضه:
عليل الجسم ممتنع القيام ... شديد السكر من غير المدام (١)
وقول شاعر مريض يقارن بين حاله وحال آخر معافّى من المرض:
الخطى عندك، إذ تقصرها، وثب وقفز ... والخطى عندي إذ أوسعها، ضعف وعجز
٢ - الاسترحام والاستعطاف: نحو قول إبراهيم بن المهدي مخاطبا المأمون:
أتيت جرما شنيعا ... وأنت للعفو أهل
فإن عفوت فمنّ ... وإن قتلت فعدل
وقول المتنبي وهو في محبسه مستعطفا السلطان:
دعوتك عند انقطاع الرجا ... ء والموت منّي كحبل الوريد
دعوتك لما براني البلاء ... وأوهن رجليّ ثقل الحديد
وقول شاعر آخر:
فمالي حيلة إلا رجائي ... لعفوك إن عفوت وحسن ظنّي
يظن الناس بي خيرا وإني ... لشر الناس إن لم تعف عنّي
(١) أي أنه سكران من غير خمر، وإنما من الضعف والهموم.