للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللغة» عقد بابا خاصا لمعاني الكلام العشرة عند أهل العلم وعدّ منها «الخبر» الذي سبق أن أوردنا تعريفه له مع تعاريف بعض العلماء الآخرين.

ولعل من المفيد ونحن بصدد الكلام عن أغراض الخبر الأصلية وأغراضه الأخرى التي تفهم من سياق الكلام أن نستكمل البحث هنا بذكر المعاني التي يحتملها الخبر كما جاءت في كتاب «الصاحبي».

قال أحمد بن فارس: «والمعاني التي يحتملها لفظ الخبر كثيرة. فمنها «التعجب» نحو: ما أحسن زيدا، و «التمني» نحو: وددتك عندنا، و «الإنكار» نحو: ما له عليّ حق، و «النفي» نحو: لا بأس عليك، و «الأمر» نحو قوله جلّ ثناؤه:

وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (١)، و «النهي» نحو قوله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، و «التعظيم» نحو: سبحان الله، و «الدعاء»، نحو: عفا الله عنه، و «الوعد» نحو قوله جلّ وعزّ: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ، و «الوعيد» نحو قوله تعالى: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.

وربما كان اللفظ خبرا والمعنى شرط وجزاء نحو قوله تعالى: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ فظاهره خبر، والمعنى إنا إن نكشف عنكم العذاب تعودوا. ومثله: الطَّلاقُ مَرَّتانِ، المعنى من طلق امرأته مرتين فليمسكها بعدهما بمعروف أو يسرّحها بإحسان.

والذي ذكرناه في قوله جل ثناؤه: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الحكيم هو تبكيت. وقد جاء في الشعر مثله. وقال شاعر يهجو جريرا:

أبلغ جريرا وأبلغ من يبلّغه ... أني الأغرّ وأني زهرة اليمن

فقال جريرا مبكتا له:

ألم تكن في وسوم قد وسمت بها ... من حان موعظة يا زهرة اليمن؟


(١) يتربصن: ينتظرن. قروء: جمع تكسير مفرده قرء بضم القاف أو فتحها، ويطلق على الطهر الحاصل بين الحيضتين للمرأة.

<<  <   >  >>