ونحو قول شاعر يوجه الخطاب إلى صاحبته:
يا مزاجا من رقة الزهر والفج ... ر ومن روعة الضحى والمساء
بلبليّ التغريد صوتك يسري ... في خيالي منوّرا كالرجاء
شجعيني على الجهاد تريني ... أنطق الصخر أرتقي للسماء
علميني معنى الطلاقة والخلد ... مقيما يا ربّة الإيحاء
طهّريني بفيض قدسك ما اسطع ... ت، وألقي عليّ ثوب الرضاء
وارفعيني إلى سمائك أنشد ... لك شعرا يموج موج الضياء
وأفيضي عليّ بالوحي أبدع ... كلّ لحن معبّر عن وفائي
فالأمر في كل هذه الأبيات قد خرج عن معناه الحقيقي إلى الالتماس لأن الشاعر وصاحبته رفيقان يستويان قدرا ومنزلة.
٣ - التمني: وهو طلب الأمر المحبوب الذي يرجى وقوعه إما لكونه مستحيلا، وإما لكونه ممكنا غير مطموع في نيله، نحو قول عنترة العبسيّ:
يا دار عبلة بالجواء تكلّمي ... وعمي صباحا دار عبلة واسلمي (١)
وقول امرئ القيس:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل ... بصبح، وما الإصباح منك بأمثل
وقول أبي العلاء المعري:
فيا موت زر إن الحياة ذميمة ... ويا نفس جدّي إن دهرك هازل
٤ - النصح والإرشاد: وهو الطلب الذي لا تكليف ولا إلزام فيه، وإنما هو طلب يحمل بين طيّاته معنى النصيحة والموعظة والإرشاد، نحو قول أحد الحكماء لابنه: «يا بنيّ استعذ بالله من شرار الناس، وكن من خيارهم على حذر». ومنه قول الشاعر محمود سامي البارودي:
(١) عبلة: صاحبة الشاعر. والجواء: واد في ديار بني عبس، وعمي صباحا: انعمي.