للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقلّي عليّ اللّوم يا أمّ بوزعا ... ولا تجزعي ممّا أصاب فأوجعا

ولا تنكحي إن فرّق الدّهر بيننا ... أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعا

ضروبا بلحييه على عظم زوره ... إذا القوم هشّوا للفعال تقنّعا

فسألت القوم أن يمهلوه قليلا، ثم أتت جزارا فأخذت منه مدية فجدعت أنفها، ثم أتته مجدوعة الأنف، فقالت: أهذا فعل من له في الرجال حاجة؟ فقال: الآن طاب الموت. ثم التفت إلى أبويه وهما يبكيان فقال:

أبلياني اليوم صبرا منكما ... إنّ حزنا منكما اليوم يسرّ (١)

ما أظنّ الموت إلّا هيّنا ... إنّ بعد الموت دار المستقرّ

اصبرا اليوم فإنّي صابر ... كلّ حيّ لفناء وقدر

ثم قال:

أذا العرش إنّي عائذ بك مؤمن ... مقرّ بزلّاتي إليك فقير

وإنّي وإن قالوا أمير مسلّط ... وحجّاب أبواب لهنّ صرير

لأعلم أنّ الأمر أمرك إن تدن ... فربّ وإن تغفر فأنت غفور

ثم أقبل على ابن زيادة فقال: أثبت قدميك، وأجد الضربة، فإني أيتمتك صغيرا، وأرملت أمّك شابّة! وسأل فكّ قيوده، ففكت فذاك حيث يقول:

فإن تقتلوني في الحديد فإنّني ... قتلت أخاكم مطلقا لم يقيّد

ثم ضربت عنقه. قال ابن دريدة هو أول من أقيد بالحجاز.


(١) في الكامل: (بكما اليوم لشر)، وفي المغتالين: (عاجل ضر). وأبلاه صبرا: أداه إليه واجتهد فيه، كما يقال أبلاه عذرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>