للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنه خراشا فيمن أسروا. فوقع لرجل منهم فجهد به أن يخبره من هو فلم يفعل.

فبينا الآسر وخراش في ماشية أضافه ابن عم له قد عرف خراشا، فقال له: أتعرف مكان أهلك؟ قال: نعم. فألقى عليه ثوبه مجيرا له. فأقبل الآسر بالسيف صلتا فقال:

أسيري أسيري!! فقال: كذبت، قد أجرته. فكف عنه ولحق خراش بأبيه، فقال:

من أجارك؟ فأخبره. قال: فمن الرجل؟ قال: ما أتيته. فمدحه أبو خراش وهو لا يعرفه. قال أبو عبيدة: وكان يقال: لم نعلم شاعرا مدح رجلا لا يعرفه إلا أبا خراش فقال (١):

حمدت الهي بعد عروة إذ نجا ... خراش وبعض الشّرّ أهون من بعض

كأنّهم يشّبّثون بطائر ... خفيف المشاش عظمه غير ذي نحض

يبادر قرب اللّيل وهو مهابذ ... يحثّ الجناح بالتّبسّط والقبض

ولم يك مثلوج الفؤاد مهبّجا ... أضاع الشّباب في الرّبيدة والخفض

ولكنّه قد نازعته مخامص ... على أنّه ذو مرّة صادق النّهض

ولم أدر من ألقى عليه رداءه ... سوى أنّه قد سلّ عن ماجد محض

فو الله لا أنسى قتيلا رزئته ... بجانب قوسى ما بقيت على الأرض

على أنّها تعفو الكلوم وإنّما ... نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي

قوله: (كأنهم) يعني الذين يعدون خلف خراش. والمشاش: رؤس العظام.

ويقال لكل من استخف، خفيف المشاش. والنحض: بفتح النون وسكون الحاء المهملة، اللحم. ومهابذ: بالمعجمة،

سريع. قال الأصمعي: أراد مهاذب، فقلبه.

يقال: من هذب إذا عدا عدوا شديدا. وقال غيره: إنما هو مهابذ، بالمهملة، أي جاد.


(١) الابيات في ديوان الهذليين على الترتيب التالي: ١ و ٧ و ٨ و ٥ و ٦ و ٤ و ٢ و ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>