جئتك خاطبا ابنتك لقيس بن ذريح. فقال: يا ابن رسول الله، ما كنّا لنعصي لك أمرا وما بنا عن الفتى رغبة، ولكن أحبّ الأمرين إلينا أن يخطبها أبوه علينا وان يكون ذلك عن أمره، فإنّا نخاف ان لم يسع أبوه في هذا ان يكون عارا وسبّة علينا. فأتى الحسين رضي الله عنه ذريحا وقومه وهم مجتمعون، فقاموا إليه إعظاما له، فقال لذريح:
أقسمت عليك إلا خطبت لبنى على قيس. قال: السمع والطاعة لأمرك، فخرج معه في وجوه قومه حتى أتوا حيّ لبنى فخطبها ذريح على ابنه الى أبيها. فأقام معها مدّة، وكان أبرّ الناس بأمه، فألهته لبنى وعكوفه عليها عن بعض ذلك، فوجدت أمّه في نفسها وقالت: شغلت هذه المرأة ابني عن برّي، ولم تر للكلام في ذلك موضعا حتى مرض قيس مرضا شديدا. فلما برأ قالت أمه لأبيه: لقد خشيت أن يموت قيس ولم يدرك خلفا وقد حرم الولد من هذه المرأة، وأنت ذو مال فيصير مالك الى الكلالة، فزوجّه بغيرها لعل الله أن يرزقه ولدا، وألحّت عليه في ذلك.
فعرض ذلك ذريح على قيس فقال: لست متزوّجا غيرها أبدا. قال: فتسرّ بالاماء، فقال: ولا أسوؤها بشيء أبدا. قال: فإني أفسم عليك الا طلقتها! فأبى، وقال:
الموت عندي أسهل من ذلك. قال: لا أرضى أو تطلقها. وحلف انه لا يكنه سقف أبدا حتى يطلق لبنى. فكان يخرج فيقف في حرّ الشمس فيجيء قيس فيقف الى جانبه فيظله بردائه ويصلي هو بحرّ الشمس حتى يفي الفيء
فينصرف عنه ويدخل الى لبنى فيعانقها ويبكي وتبكي معه. وتقول له: قيس، لا تطع أباك فتهلك وتهلكني.
فقال: ما كنت لأطيع فيك أحدا أبدا. فيقال: إنه مكث كذلك سنة ثم طلقها، فلما بانت لم يلبث حتى استطير عقله وذهب لبه، ولحقه مثل الجنون، وأسف وجعل يبكي، فلما انقضت عدّتها، رحلها قومها فسقط مغشيا لا يعقل ثم أفاق ولم يأخذه بعدها قرار.
وأخرج أيضا عن عمرو بن دينار قال: قال الحسن رضي الله عنه لذريح أبى قيس:
أحل لك أن فرّقت بين قيس ولبنى؟ أما سمعت عمر بن الخطاب يقول: ما أبالي أفرقت بين الرجل وامرأته أم مشيت إليهما بالسيف. وروى أيضا: أن الطبيب قال له:
إنما يسليك عنها أن تذكر مساويها ومعائبها وما تعافه العين منها من أقذار بني آدم، فإن