لا همّ إن الحارث بن جبله ... زنا على أبيه ثمّ قتله
وركّب الشّادخة المحجّله ... وكان في جاراته لا عهد له
وأيّ أمر سيّئ لا فعله
قال التبريزي في شرح أبيات الإصلاح: الحارث بن جبلة هو الغساني.
ولا همّ، وأصله: اللهم. وزنا: أي ضيق. والشادخة: الغرّة، يكنى بها عن الأمر اليسير. وكذا المحجلة من التحجيل وهو بياض القوائم. وهم يقولون في الشيء المشهور: هو أغرّ محجل. والجارات: جمع جارة، وهنّ النساء اللاتي يجاورنه. والعهد: الذمام والحرمه. يصفه بالغدر وقلة المعروف، وإنه ضيق على أبيه ثم عدا عليه فقتله وركب الخطة الشنعاء التي تشتهر في الناس اشتهار الغرّة في الوجه، والتحجيل في القوائم. ولم يرع عهد نسائه، بل انتهك حرمتهن ولم يترك أمرا ذميما إلا ارتكبه. وقال ابن يسعون: هذا الرجز لابن العفيف العبدي أو عبد المسيح بن عسلة. قاله في الحارث بن أبي شمر الغساني الأعرج، من بني جبلة.
وكان اذا أعجبته امرأة من قيس أرسل إليها فاغتصبها حتى قال فيه بعض الكلابيين:
يا أيّها الملك المخوف أما ترى ... ليلا وصبحا كيف يعتقبان
هل تستطيع الشّمس أن تأتي بها ... ليلا، وهل لك بالمليك يدان
اعلم وأيقن أنّ ملكك زائل ... واعلم بأنّ كما تدين تدان
وقال ابن الشجري في أماليه: قوله: زنا على أبيه، يروى بتخفيف النون وتشديدها. فمن رآه مخفففا فمعناه زنا بامرأته، ومن رآه مشددا فأصله زناء مهموز. ومعناه ضيق عليه. وهذا القول أوجه، وهي امرأة ابن السكيت (١).