للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلم يرث له النعمان وألح في سجنه، فكلّم عمير أخو عدي كسرى فأمر النعمان بتخليته، فخاف النعمان أن يكيده إذا خلاه فأرسل إليه من خنقه. وهو أوّل عربي قتل خنقا. فذهب ولد عدي، واسمه زيد، الى كسرى، وكان النعمان عنده فقال له يوما: رأيت رغبتك في النساء وعند آل المنذر ما تشتهيه، إلا أنهم يأبون مصاهرتك! فبعث إلى النعمان

زيد بن عدي واسوار معه يريده على تزويجه بعض بناته أو اخواته، فقال النعمان: أما وجد الملك من مها السواد وفارس ما يكتفي به؟ قال زيد لاسوار: اسمع ما يقول، ثم ورد على كسرى فذكر انه قال: ان للملك في ثغر السواد كفاية. وإنما قال النعمان: المها، وأراد الحسان. فغضب كسرى وكتب الى النعمان أن أقبل فأقبل. فأمر به كسرى فألقي تحت أرجل الفيلة فقتلته.

قوله مألكا: أي رسالة. وشرق: بفتح المعجمة وكسر الراء صفة مشبهة من شرق بريقه إذا غص. والغصّان: بفتح الغين المعجمة وتشديد الصاد المهملة، من غص بالطعام. والإعتصار: الملجأ، قاله أبو عبيدة. والمعى: لو شرقت بغير الماء أسغت شرقى بالماء، فإذا غصصت بالماء فبم أسيغه. وقال الجوهري: الإعتصار أن يغصّ الإنسان بالطعام فيعتصر بالماء، وهو أن يشربه قليلا قليلا ليسيغه وأنشد البيت (١). وقد وقع فيه إيلاء لو الجملة الأسمية، فقيل هو على ظاهره شذوذا. وقيل على تقدير فعل، أي لو شرق بغير الماء حلقي هو شرق. وقيل: على تقدير كان والجملة خبر كان الثانية.

٤١٦ - وأنشد:

لو في طهيّة أحلام لما عرضوا ... دون الّذي أنا أرميه ويرميني (٢)

هذا من قصيدة لجرير يهجو بها الفرزدق، أوّلها:

ما بال جهلك بعد الحلم والدّين ... وقد علاك مشيب حين لا حين


(١) قال البغدادي في الخزانة ٣/ ٥٩٦: وتحقيقه ان الاعتصار الالتجاء، كما قاله ابو القاسم على بن حمزة البصري فيما كتبه على النبات لأبي حنيفة الدينوري. وساق البغدادي كلام أبي القاسم هذا بنصه، ثم قال: وقد صار البيت مثلا للتأذي ممن يرجى احسانه.
وقد اورد الميداني المثل: (لو بغير الماء غصصت) وقال: انه يضرب لمن يوثق به ثم يؤتي الواثق من قبله، واستشهد بالبيت.
(٢) ديوانه ٥٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>