للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن قريشا أتت أبا طالب فكلمته في النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فبعث إليه فقال:

يا ابن أخي، إنّ قومك قد جاؤني فقالوا كذا وكذا، فأبق عليّ وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك؟ فظن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن قد بدل العهد فيه، وأنه خاذله ومسلمه، فقال: يا عمّ، لو وضعت الشمس في يميني، والقمر في يساري، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه، ثم استعبر رسول الله فبكى. فلما ولى قال له حين رأى ما بلغ الأمر برسول الله: يا ابن أخي، امض على أمرك وافعل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبدا. وقال أبو طالب في ذلك:

والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتّى أوسّد في التّراب دفينا

فامض لأمرك ما عليك غضاضة ... أبشر وقرّ بذاك منك عيونا

ودعوتني وزعمت أنّك ناصح (١) ... ولقد صدقت وكنت قبل أمينا

وعرضت دينا قد عرفت بأنّه (٢) ... من خير أديان البريّة دينا

لولا الملامة أو حذار سبّة ... لوجدتني سمحا بذاك مبينا

٤٤٨ - وأنشد:

فلن يحل للعينين بعدك منظر (٣)

هو لكثيّر عزة، وصدره:

أيادي سبا يا عزّ ما كنت بعدكم

قال أبو حيان في النهر: أيادي سبا، اتخذه الناس مثلا مضروبا في التفريق والتمزيق.


(١) في أبي الفداء: ودعوتني وعلمت أنك صادق.
(٢) في أبي الفداء: ولقد علمت بأن دين محمد ..
(٣) ديوانه ١/ ٦٠، وقوله: فلن يحل، هو من باب علم في المنظر ومن باب غزا في الطعم، ومصدرهما الحلاوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>