للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في التوضيح على تأكيد المنفي بلم بالنون شذوذا. قال الأعلم يصف الشاعر به جبلا قد عمه الخصب وحفه النبات. وقال ابن هشام اللخميّ: ليس كذلك، وانما شبه اللبن في القعب لما عليه من الرغوة حين امتلأ بشيخ معمم فوق كرسي. هو وما قبله من الأبيات يدل على ذلك (١).

٨٧٨ - وأنشد:

هما خطّتا إمّا إسار ومنّة (٢)

هو من قصيدة لتأبط شرّا أوّلها:

إذا المرء لم يحتل وقد جدّ جدّه ... أضاع وقاسى أمره وهو مدبر

ولكن أخا الحزم الّذي ليس نازلا (٣) ... به الخطب إلّا وهو للقصد مبصر

فذاك قريع الدّهر ما عاش حولا ... إذا سدّ منه منخر جاش منخر

أقول للحيان وقد صفرت لهم ... وطابي ويومي ضيّق الحجر معور

هما خطّتا إمّا إسار ومنّة ... وإمّا دم والقتل بالحرّ أجدر

قال في الأغاني: كان تأبط شرّا يشتار عسلا من جبل ليس له غير طريق واحد، فأخذ لحيان عليه ذلك الموضع، وخيروه النزول على حكمهم أو إلقاء نفسه من الموضع الذي ظنوا أنه لا يسلم. فصب العسل الذي معه على الصفا وشد صدره على الزق ثم لصق على العسل، فلم يبرح ينزلق عليه حتى نزل سالما وجعل يكلمهم، وكان بينهم وبين الموضع الذي استقرّ به على الطريق مسيرة ثلاثة أيام. قوله: وقد جد جده: أي ازداد جدا وأضاع ضيعا. وقاسى أمره، أي شفي به وهو مول.

والحزم: الشدة والضبط. وأخو الحزم: صاحبه الذي يستعدّ للأمر قبل نزوله،


(١) البيت من شواهد سيبويه ٢/ ١٥٢ وهو في أمالي ابن الشجري ١/ ٣٤٧ وقال: (وقال آخر في وصف وطب مملوء لبنا ملفوف في غشاء: يحسبه ... البيت. أراد: يحسبه الجاهل به.
(٢) الخزانة ٣/ ٣٥٦، واللسان (خطط)، والاغاني ٢١/ ١٥٨ - ١٥٩
(٣) في الاغاني: (ولكن أخو ..).

<<  <  ج: ص:  >  >>