ولا تدفنّني في الفلاة فإنّني ... أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
هذا لأبي محجن الثقفي. وقبله:
إذا متّ فادفنّي إلى جنب كرمة ... تروّي عظامي بعد موتي عروقها
وبعده:
أباكرها عند الشّروق وتارة ... يعاجلني عند المساء غبوقها
وللكأس والصّهباء حقّ معظّم ... فمن حقّها أن لا تضاع حقوقها
أبو محجن هذا صحابي اسمه مالك. وقيل عبد الله بن حبيب، بالتصغير، ابن عمرو بن عمير بن عوف. وقيل اسمه كنيته. أسلم مع ثقيف وله رواية. وكان شاعرا مطبوعا كريما منهمكا في الشراب لا يكاد يقلع عنه، وجلده عمر مرات ثم نفاه إلى جزيرة في البحر وبعث معه رجلا فهرب منه ولحق بسعد بن أبي وقاص بالقادسية وهو يحارب الفرس، فكتب عمر إلى سعد أن يحبسه فحبسه.
وقال عبد الرزاق في المصنف: أنا معمر، عن أيوب، عن ابن سبرين، قال:
كان أبو محجن لا يزال يجلد في الخمر فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه، فلما كان يوم القادسية رآهم يقتتلون فكأنه رأى المشركين قد أصابوا في المسلمين فأرسل إلى أم ولد سعد، أو امرأة سعد، يقول لها إن أبا محجن يقول لك إن خليت سبيله وحملتيه على هذا الفرس ودفعت إليه سلاحا ليكونن، وأوّل من يرجع، إلّا أن بقتل. قال: وأبو محجن يتمثل (١):