للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لرسولك البارحة. قال: لم أرسل أحداً! فاختلفا، وسمع الجندي بذلك فجاء بها برباطها لم يفكّها، وكان فيها خمسمئة ألف.

خمسمئة ألف! الجندي محتاج إلى خمسمئة منها، بل ربما كان محتاجاً إلى خمسين، فما مدّ يده إليها ولا حلّ رباطها وأدّاها على حالها، ذلك لأن الجنود كانوا يعملون لله لا يبتغون جزاء ولا وساماً.

وكان القائد الأموي مَسْلَمة بن عبد الملك يحاصر حصناً. وأعياهم حصاره فاختار فرقة فدائية لاقتحامه، وتقدّم رجل من تلك الفرقة تحت السهام معرّضاً نفسه للخطر حتى نقَبَ نَقْباً (أي صنع ثغرة) دخل منه الجند، وفُتح الحصن وكان النصر. ثم اختفى ذلك الرجل، وسأل عنه مسلمة فلم يعرفه، فجمع الجند وقال: أقسمت على صاحب النَّقْب أن يخرج. فتقدم رجل مقنَّع لا تظهر منه إلا عيناه وقال: أنا صاحب النَّقْب، وما جئت إلا لأنك استحلفتني، وأسألك الله أن لا تسألني عن اسمي وإذا عرفته فلا تخبر به أحداً، لأني عملت ذلك لمن يعطيني أكثر مما تعطيني، فإن كان عندك مال أو جائزة فقد عملته لله الذي يعطي أكثر مما عندك.

وأنتم تسمعون بالثغور. كانت على حدود البلاد يذهب إليها المتطوعون، وفي أحد هذه الثغور كان قتال بين جيش من المسلمين وآخر من الروم، ودار القتال على طريقة البِراز: خرج أحد أبطال الروم وطلب المبارزة، فخرج إليه أحد المسلمين، فقتله الرومي، ثم برز له ثان وثالث فقتلهم، ومرّ النهار على ذلك. فلما كان اليوم الثاني برز له من المسلمين فارس ملثَّم، وما زال به حتى قتله، فهلّل المسلمون وكبّروا. وبدلاً من أن يتجه الفارس إلى

<<  <   >  >>