ومن أعظم الأسلحة التي اعتمد عليها القادة المسلمون في كافة العهود سلاح الكتمان؛ سَنّ لهم ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة. كانوا في صحراء لا حدود لها، ومع ذلك فقد اتخذ من الاحتياطات ما منع وصول أي خبر إلى قريش، حتى فوجئوا بنيران الجيش الإسلامي على جبال مكة من جهاتها كلها، وكان الفتح.
وقد تقولون إن هذا من البديهيات، ولكنه عند كثير من الناس ليس كذلك، بل هو ممّا ينبغي أن يتعلموه. ولا أريد أن أعرّض بأحد، ولكنّ مَن سمع منكم ما كنّا نصنعه أيام حرب حَزيران، حين كانت الإذاعات تعلن عن تحركات الجيوش ومواقعها وكأنها تقول لليهود: تفضلوا فاضربوها! من سمع ذلك أدرك أننا نخطئ حتى في البديهيات!
* * *
أيها السادة، هل تظنون أن معارك المسلمين كانت كلها بالسيف والرمح فقط؟ لقد كانوا يستعملون أنواع الأسلحة عمَلاً بقوله تعالى:{وَأعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِنْ قُوّة}. وهل تعرفون أنها كانت عندهم أسلحة للحصار، منها ما كان يسمى «الدبّابة»، ومنها «الكَبْش» لنَقْب الأسوار؟
وفي حصار عكا كان الصليبيون يحاصرونها فجاء المسلمون وضربوا حصاراً حول المحاصِرين، وتجلت في تلك الحرب فنون من المهارة ومن الحيل الحربية. جاء الصليبيون ببرج من ثلاث طبقات كأنه عمارة عالية تمشي على دواليب فوضعوه عند السور لاقتحامه، وحاول المسلمون إحراقه فلم ينجحوا لأنه كان مغطى