ومنها: أنه لو نوي الطلاق من وثاق يصدق فيما بينه وبين الله تعالي، وإن كان لا يصدق في القضاء/ لأنه خلاف الظاهر وكذلك في قوله:(إلا أنه غير راض بحكمه، وذلك غير مخل به كالهازل) نظر أيضًا؛ فإن الهازل متكلم بالطلاق عن قصد واختيار كامل للمتكلم به، وبذلك يقع طلاقه ويلزمه حكمه، ولا يلتفت إلى عدم رضاه بحكمه كالهازل بالتكلم بكلمة الكفر.
فالحاصل أن المكره على الطلاق كالمكره على الكفر كلاهما من باب الأقوال، وكما يؤثر الإكراه في إباحة إجراء كلمة الكفر كذلك ينبغي أن يؤثر في أمر الطلاق، يرفع حكمه، فإن باب الأقوال يفارق باب الأفعال؛ لأن الأفعال إذا وقعت لم ترتفع مفسدتها، بل مفسدتها معها بخلاف الأقوال؛ فإنها يمكن إلغاؤها وجعلها بمنزلة أقوال النائم والصبي والمجنون، ولهذا لو أتلف أحدهم شيئًا ضمنه، وإن كان قوله ساقط الاعتبار، وسيأتي في كلام صاحب الهداية في كتاب الحجر أن المعاني الثلاثة، يعني الصغر والرق والجنون توجب الحجر في الأقوال دون الأفعال، لأنه لا مرد لها لوجودها حسًا ومشاهدة بخلاف الأقوال لأن اعتبارها موجودة بالشرع.
قوله: (وطلاق السكران واقع، واختيار الكرخي والطحاوي أنه لا يقع، وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله، لأن صحة القصد بالعقل، وهو زائل العقل فصار كزواله بالبنج والدواء، ولنا أنه زال بسبب هو معصية فجعل باقيًا حكمًا