النكاح الذي وضعه الله بين عباده، وجعله سببًا للمودة والرحمة بين الزوجين وليس له قصد في توابعه حقيقة ولا حكمًا، فمن ليس له قصد في الصحبة ولا في العشرة، ولا في المصاهرة ولا في الولد، بل قصده أن يفارق لتعود إلى غيره، فتزوج ليطل، فهو مناقض لشرع الله، ودينه، وحكمته، فهو كاذب في قوله: تزوجت بإظهار خلاف ما في قلبه، وصيغ العقود إخبارات عما في النفوس من المعاني ولا تصير كلامًا معتبرًا إلا إذا قرنت بمعانيها، فتصير إنشاء للعقود والتصرفات من حيث إنها هي التي أثبتت الحكم، وإخبارًا من حيث دلالاتها على المعاني التي في النفس، فهي تشبه في اللفظ: أحببت، وأبغضت، وكرهت، وتشبه في المعني: قم، واقعد، وإذا كان المقصود محرمًا فالوسيلة إليه كذلك، وفي اعتبارها تنفيذ للمحرم، وإسقاط للواجب، وإعانة على المعصية، ولا يبالي باختلاف الأسباب عند حصول المقصود، وهذا المعني هو الذي فهمته الصحابة رضي الله عنهم، ورد عنهم في ذلك ما رواه نافع عن ابن عمر أن رجلاً قال له:"امرأة تزوجتها أحلها لزوجها، لم يأمرني ولم يعلم قال: لا؛ إلا نكاح رغبة، إن أعجبتك أمسكتها، وإن كرهتها فارقتها، قال: وإن كنا لنعه على عهد رسول الله -صلي الله عليه وسلم-/ سفاحًا، وقال: لا يزالان زانيين، وإن مكثا على ذلك عشرين سنة، إذا علم أنه يريد أن يحلها" وهذا قول