للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن النجاسة تزول بالماء حسًا وشرعًا. وأما تنجس الماء بالملاقاة فمورد نزاع بين العلماء، فكيف يجعل موارد النزاع حجة على مواقع الإجماع؟ والقياس يقتضي رد موارد النزاع إلى مواقع الإجماع. فإن قلت: القياس يقتضي أن الماء لا يزيل النجاسة لتنجسه بأول الملاقاة، والنجس لا يطهر غيره.

قلنا: النجاسة نجست المحل الذي أصابته باعتبار عينها، فيزول تنجيسها بزوال عينها. ولهذا كان الصحيح جواز إزالة النجاسة بسائر المائعات القالعة للنجاسة على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

وأيضًا فالذي يقتضيه العقل أن الماء إذا لم يتغير بالنجاسة لا يتنجس؛ فإنه باق على أصل خلقته، وهو طيب، فيدخل في قوله تعالى: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث}. وهذا هو القياس في المائعات جميعها والدليل على أنه طيب الحس والشرع. أما الحس فلأن الخبث لم يظهر فيه له أثر، ولا لون ولا طعم ولا ريح. ومحال صدق المشتق بدون المشتق منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>