للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول المصنف ولأن في التغريب فتح باب الزنا لانعدام الاستحياء من العشيرة ثم فيه قطع مواد البقاء.

فكل تعليل في مقابلة النص مردود وليس هذا الذي ذكره أمرًا لازمًا لكل أحد وإن كان هذا قد يقع لبعض الناس فالمصلحة التي تحصل بالتغريب في حق غالب الناس من مفارقة الوطن والأهل والإخوان وغير ذلك مما يكسر النفس ويقمع داعي الفساد تربو على هذه المفسدة.

وقوله بعد ذلك: -إلا أن يرى الإمام ذلك مصلحة فيغربه على قدر ما يرى -يرد هذا المعنى الذي ذكره من المفسدة، فإنه إذا قال: إن ذلك مفوض إلى رأي الإمام دل على أن ذلك قد يكون مصلحة وقد يكون مفسدة، ولا شك أن الإمام لا يعلم الغيب فقد يقع عنده أن تغريب هذا مفسدة ويكون مصلحة، وبالعكس فتفويض ذلك إليه لا يحصل به ما يظن من المصلحة، وليس هذا مما يعرف بقرائن الأحوال فإن ابن آدم محل التغيير فقد ينقلب من صلاح إلى فساد وقد ينعكس ذلك، وأما قوله: وربما تتخذ زناها مكسبة وهو من أقبح وجوه الزنا. فهذا يخص المرأة وهو صحيح، وأيضًا فإن المرأة تحتاج إلى حفظ وصيانة، ولا يحل تغريبها بغير محرم لأنها تحتاج إليه في السفر والإقامة، وإن غرب المحرم معها أفضى إلى تغريب من ليس بزان، ونفي من لا ذنب له، وإن كلفت أجرته ففي ذلك زيادة عقوبة لم يرد بها الشرع، وحديث العسيف إنما فيه تغريب الرجل، وحديث البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، ليس نفيهما، فيصرف إلى نفي الرجل، وهذا قول الإمام مالك وهو أصح

<<  <  ج: ص:  >  >>