قاض شهوته بالمرأة على الوجه المحظور، فكذلك المرأة قاضية شهوتها بالرجل على الوجه المحظور فصح أن يقال زنت به فهي زانية كما في جانب الرجل، وأما قولكم: إنها متسببة بالتمكين فيتعلق الحد في حقها بالتمكين من قبيح الزنا إلى آخره؛ فممنوع، فإنه لم يكن الحد في حقها لذلك فقط بل لقضاء شهوتها بالفعل القبيح المحرم على وجه الكمال وتعلق فعل الزنا بها أقوى من تعلقه بالرجل، ولذلك قال تعالى:{الزانية والزاني فاجلدوا} قدم الزانية في الذكر لأنها هي المادة التي نشأت منها الجناية لأنها لو لم تطمع الرجل ولم تومض له ولم تمكنه لم يطمع ولم يتمكن فلما كانت أصلاً وأولاً في ذلك بدئ بذكرها، وبدئ بذكر الزاني في قوله تعالى:{الزاني لا ينكح إلا زانيًة أو مشركًة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} لأن هذه الآية مسوقة لذكر النكاح والرجل أصل فيه، لأنه هو الراغب والخاطب ومنه يبدأ الطلب غالبًا، وأما الآية الأولى فسيقت لعقوبتهما على ما جنيا، والمرأة أصل فيها، فظهر قوة قول أبي يوسف وزفر ومن قال بقولهما في هذه المسألة.
قوله:(وإن أكرهه غير السلطان حد عند أبي حنيفة، وقالا: لا يحد لأن الإكراه عندهما قد يتحقق من غير السلطان).
قول الصاحبين هو الصحيح لقوله تعالى:{ولا تكرهوا/ فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنًا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}، وهذا النص في جواز إقدام الأمة المكرهة على