للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول المصنف: (والسفر غير مقصود). جوابه أنه لا يتوسل إلى المقصود إلا به فيكون مقصودًا بهذا الاعتبار. ويأتي في كلام المصنف في التعليل لأبي حنيفة في حلق موضع المعاجم أن عليه دمًا؛ لأن حلقه مقصود؛ لأنه لا يتوسل إلى المقصود إلا به، وفي كلام الأصحاب أيضًا، ما لا يتوسل إلى الواجب إلا به يجب لوجوبه، كما قالوا ذلك في الخروج من الصلاة بفعل المصلى عند أبي حنيفة. ولو لم يكن فيه إلا أنه عبادة أجرها عظيم، وكذلك الحلق، كيف وهو نسك عندنا فكان في إفراد كل من الحج والعمرة بسفرة زيادة نسك وزيادة سفر، وزيادة إحرام، وزيادة نفقة، ليس في الجميع؛ فلا ينبغي أن يكون في إفراد العمرة بسفرة خلاف أنه أفضل.

فإن قيل: في إفرادها بسفرة تعريضها للفوات لاحتمال موته قبل أن يعتمر فكان الإتيان بها مع الحج أولى صونًا لها عن الفوات. قيل: هذا غير مسلم؛ فإن من قدر على الاعتمار قبل أوان الحج بحيث يتمكن من الإتيان بالعمرة ثم بالحج في ذلك العام لا تفويت في حقه، ومن قدر عند أوان الحج وقصد إفراد العمرة لا يضره خوف الفوات؛ لأنه له نية، ولو قدر أنه عاش حتى أتى بالعمرة مفردة بسفر بعد حجته هل يقال إن من ضم العمرة إلى الحج في سفرة أفضل منه؟ هذا غير مسلم. وأما إذا [أتى] الميقات في أشهر الحج، وجمع النسكين في سفر واحد كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في حجة الوداع فالذي

<<  <  ج: ص:  >  >>